( قصة راع أبوضباع مع العتبان في يوم مجاعة )
روى لي هذه القصة الشيخ عبيد بن مقبول السراني شيخ فخذ السرارنة ورواها الشيخ غالب بن صيفي بن نماي من شيوخ الزواكية من بني جابر ورواها هلال بن هلال الصلعي رئيس شؤون البادية في المدينة المنورة ورواها الشيخ متعب بن ناهي بن عمهوج من شيوخ قبيلة مزينة وغيرهم على النص الآتي :
قالوا أن ديار عتيبة قد اصابها الجفاف في سنة من السنين الممحلة فقد تاخرت الأمطار ونشفت الأرض وقل الكلأ من المرعى وهزلت الماشية وهلك معظمها وانتشرت المجاعة بين العربان في ديار عتيبة فلم يجدوا وسيلة لجلب المصاريف وتوفير المعيشة في تلك السنة حتى تنزل رحمة الله على الارض ومن عليها وتعود بهم الحال مثل ماكانت عليه فينزل المطر وتربع الارض ويتكاثر المرعى وتسمن الماشية وتصبح صالحة لبيعها في الاسواق حيث تاتي بالثمن الوفير والخير الكثير وتغطي مصاريفهم المعيشية واحتياجاتهم الكمالية الأخرى .
وقد فكروا في أكثر من طريق وطريقة لحل هذه المشكلة في اتجاهات متعددة فلم تبخل عليهم الآراء والافكار في حلولها المناسبة وكان محور التفكير حول طلب القرضة أو الكفالة أو حتى رهن بعض الاسلحة لو قبلها التاجر مقابل حاجة صاحبها من الطعام فمنهم من وجه قافلته إلى مكة وجدة ومنهم من اتجه بها إلى الاحساء ومنهم من كان يعرف له أصدقاء من التجار في البصرة والزبير في العراق ثم شد الرحال لهم فتيسرت له الأمور وسد الله لهم حاجاتهم , أما فخذ الزراريق من عتيبه ومعهم بعض من فخذ الحفاة وكان رئيسهم أحد شيوخ الزراريق ويعرف بابن زراق العتيبي .
فهؤلاء قد اختاروا ان يتجهوا بقافلتهم إلى قبيلة حرب في وادي الفرع ومدينة رابغ التي كانت تسيطر عليها هذه القبيلة فكان معهم راعي يرعى الإبل من حرب فسألوه عمن يعرف من قومه في أحد هاتين المدينتين من الرجال الذين يعرفون الحقوق ويرقعون الفتوق ويقضون حاجاتنا بأموالهم وإلا بجاههم وحيلتهم .
قال راعيهم الحربي لوحاجتكم حمل جمل أو جملين من الطعام لكان يقضيها لكم أول رجل تقابلونه من قبيلة حرب ولكن أنتم معكم 100 مائة جمل وتبحثون عمن يحملها لكم طعاما وقهوة وكساء وهذه المهمة مهمة شيخ ويقدرون عليها مشايخ حرب ولكن أهل المدن الزم بها من غيرهم لإختلاطهم بالتجار فهم أما سدوا حاجتكم من مالهم أو قضوها لكم في وجيههم وأحدهم الشيخ مريع بن حسن العبيدي أمير قرية أبو ضباع في وادي الفرع والأخر الشيخ ابن مبيريك راع رابغ .
قالوا له إذا أنت خوينا اللي يمشينا ويحمينا بالديرة الحربية ويدلنا على معازيبنا ومعازيبهم هم الشيخين العبيدي وابن مبيريك فاجهزوا 100 مائة جمل لحمل الطعام والكساء .
وأخذوا الحربي معهم وحصلوا أيضا على رجل من مطير وطلبوا أخوته واعطوه حق الأخاوة ورافقهم في داخل حدود مطير ولما أخرجهم من المطيرية وادخلهم في حدود الحربية رجع عنهم وتركهم في حماية خويهم الحربي حتى وصلوا إلى آخر محطة لهم عند الشيخ مريع العبيدي في وادي الفرع وكانوا ينوون مواصلة سيرهم إلى بن مبيريك في رابغ إذا ماوجدوا طلباتهم كلها عند العبيدي وانما انقضت الحاجة من قبل مريع العبيدي قبل أن يصلوا إلى بن مبيريك .
ولما وصل شيخ الزراريق هو ومن كان معه من الزراريق والحفاة إلى الشيخ مريع بن حسن العبيدي في وادي الفرع شرحوا لهم قصتهم مع زمانهم وما أصابهم فيه ثم وضحوا له طلبهم منه فسمع واستدرك حديثهم كله ونظر إلى وجوههم نظرة فاحصة ثم تأمل قليلا في العلاقات بين حرب وعتيبة فوجدهم أعداء وماوقع من أموال القبيلة هذه في أيدي القبيلة الأخرى اعتبرته القبيلة الغانمة إنه من الغنائم فيما لو أرادوا مصادرة هذه الأموال .
الشيء الثاني لو تأخرت ثم أراد أن يذهب ليجمع ديونه منهم فكيف يستطيع بسهولة ودون شق الأنفس وصولهم وهي تقع دونهم قبيلة مطير ثم قبيلة سليم ثم المصيبة الاخرى من يحميه منهم حتى يصل إلى أول رجل من فخذ الزراريق .
والشيء الثالث وهو آخر حل يفكر فيه حين أسر في نفسه أن يعطيهم من نصف حمل بعير بدون مقابل ثم يرسلهم إلى بن مبيريك يكمل لهم الباقي ولكن قبل أن يبلغهم بوجهة نظرة في هذا الموضوع قال أبيات :
الخاتم المنقوش أنا ويش أبي به = أما انكسر والا إنه أضحى على ماش
واللي يصوت بالخلا من يجيبه= واللي معلق بالسما كيف ينناش
فعرفوا العتبان قصده وأنه لايهمه اعطاءهم طلبهم ولكن من يضمن الوفاء , قال الشيخ بن زراق العتيبي :
واللي يسوي الطيبة من نصيبة =يلقى بها قدمه معاميل وفراش
البعد ماينحي الفتى عن صحيبة = والقرب ماينفعك بالصاحب اللاش
ولما سمع كلام شيخهم عرف أنهم رجالا عقلاء وعملاء أوفياء فحلت الثقة في ساحة صدره العريض وادرك أنه سوف يكون رد الجميل جميلا مثله وقام إلى خزانته واستخرج لهم مبلغ من المال وقال خذوا هذه ووزعوه بينكم وكل واحد منكم كفيل نفسه ولا أحد يكفل على أحد وكل منكم تكفله شيمته ياعتيبة , فأخذوا كل ما يحتاجونه من وادي الفرع وحملوا جمالهم المائة جمل من الطعام والقهوة والكساء ورجعوا إلى ديارهم في حماية خويهم الحربي الأول حتى تجاوز بهم حدود الحربية .
وفي مقابلتنا لسعد بن خرصان الحافي من حفاة عتيبة الروقة قال حدوثنا شيباننا الأولين رحمة الله عليهم عن هذه القصة وقالوا انهم عندما ساقوا تلك الابل وتلك الاغنام إلى اسواق مكة كأنما عتيبة كلها قد رحلت من أرض إلى أرضا أخرى من كثرة ما ساقوا من الماشية في حق الأمانة وردها إلى صاحبها راع وادي الفرع .
حصلت هذه القصة حوالي سنة 1248 هـ وهي الفترة التي عاش بها الشيخ مريع الأول بن حسن العبيدي العمري الحربي وقال سعد بن خرصان الروقي هذه الأبيات يمتدح بها حرب :
الـبـارح أمـسـى ضمـيـري فـيـه ولـوالي == والـعـيـن مـــاذاق لـــذ الـنــوم حاجـبـهـا
ذكـرت دار الوفـاء والمـذهـب الغـالـي == دارن عسى السيل يمشي فـي جوانبهـا
ياراكـب الـلـي إلــى روح مــع الـلالـي == أسـبـق مـــن الـريــح يـــوم الله يهبـبـهـا
يـقــوم مـــن عـنـدنــا والــفــي مــازالــي == وعصيـر طــب المديـنـة واسـتـراح ابـهـا
غرهد مع السوق وارفع صوتك العالي == وسـلـم عـلـى حــرب حاضـرهـا وغايبـهـا
تلقى رجال الوفـاء والمذهـب الغالـي == وتلـقـى الـوفـاء عـنـد جاهلـهـا وشايبـهـا
سـتــة عـشـرعــام وأنــــا بـيـنـهـم ســالــي == الـربــعــة الــلـــي عــزيـــزات مـذاهـبـهــا
إليا جيت في حي كـل الحـي حيالـي == وإن جيت في قاله راسـي يطـول إبهـا
وكـــم دار ولــوهــا حــــرب الأبـطـالــي == وأصـبـح بـهـا الـبـوم والثعـلـب يجاوبـهـا
المصدر : قضايا وقضاة وشيم من البادية
لـ : نايف بن زابن الحربي " رحمه الله "
hgado hfk lvdu ,hgado hgujdfd